المادة    
  1. جواز ارتباط اسم الإيمان بأي مسمىً من مسميات الشريعة

     المرفق    
    السؤال: إن الإيمان يكون بالله فقط، فهل يجوز أن نقول: إننا نؤمن بدعوة التوحيد وأنها دعوة الحق، أفيدونا جزاكم الله خيرا؟
    الجواب: إن كان الأخ يقصد أن الإيمان إنما يكون بالله، فهل يجوز لي أن أقول: أنا أؤمن بدعوة التوحيد، أو أنا أومن بكذا، الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: ((فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ)) [البقرة:137] أي بالذي آمنتم به، وهو القرآن والسنة، فإذا قلت: أنا أؤمن بالإيمان.
    أيضاً قال الله تعالى في آية أخرى: ((وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ))[المائدة:5] فمن يؤمن بالإيمان وبالتوحيد... ومن يؤمن بالرسول أو بأي مسمى من مسميات الشريعة... كمن يؤمن بالصلاة، أو من يؤمن بالزكاة؛ فهذا لا حرج فيه إن شاء الله إن كان هذا هو المراد.
  2. كيفية التخلص من عبادة الشهوة

     المرفق    
    السؤال: كيف يمكن للإنسان أن يتخلص من عبادة شهوة معينة لها تأثير -على نفسه- شديد؟
    الجواب: عبودية الشهوة من أشد وأخطر العبوديات، فللشيطان طريقان: الشهوات والشبهات، يتعبث بهما الخلق، وعندنا نماذج تجيب على هذا السؤال وأمثاله.
    فمثلاً: يصعب على المدمنين على الخمر أن يتركوها؛ ولذلك فهم يموتون ولا يتركونها، لكن العرب كانوا يشربونها كعادة، ثم جاء الإسلام ولم تحرم أول الأمر؛ بل كان الصحابة رضي الله عنهم يشربونها من جملة ما يشربون، لكن لما حُرِّمت الخمر أريقت تماماً! فجرت أنهاراً في شوارع المدينة! وكف عنها المؤمنون!
    ومن هذا الشيء نأخذ عبرة لنا أيضاً، شهوة التبرج أو النظر إلى النساء -مثلاً- كان الصحابة رضي الله عنهم وهم أطهر وأنظف المجتمعات يرى بعضهم بعضاً، فلما أنزل الله الحجاب أصبحت النساء مغطيات كالغربان لا يرى منهن شيئاً أبداً! امتثال عجيب!!
    فإذاً: الشهوات والتقاليد مهما اشتد ضغطها؛ فإنه بالإيمان بالله يمكن أن يتغلب الإنسان عليها.
    فيا أخي! إذا كنت تُعاني من عبودية شهوة معينة، فتَّذكر أنك عبدٌ لله، وأنك سوف تلقى الله، وتَّذكر وعيد الله، وتَّذكر كم تعيش في هذه الدنيا! ولكن في النار أبد الآبدين عياذاً بالله.
    تذكر أن جهنم سوداء مظلمة لو ألقي فيها حجر لاستمر سبعين خريفاً لا يصل إلى قعرها! تَّذكر ما ذكر الله تبارك وتعالى من آيات الوعيد، وما ذكره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أحاديث الوعيد، ثم تَّذكر إلى جانب هذا كله هذه الشهوة، وقارن بين هذا وذاك، ثم انظر إلى الجانب الآخر، انظر إلى الجنة ونعيمها! وما يعوضك الله عن هذه الشهوة من الخير العظيم! فحينئذٍ يعينك الله تبارك وتعالى وتقلع عن هذه الشهوة.
  3. الرفاهية من أسباب قسوة القلوب

     المرفق    
    السؤال: ماذا عن الفراغ الروحي الذي يستولي على قلوبنا استيلاءً كاملاً، وحلَّ بذلك محلَّ العبودية التي فرضها الله علينا، ولعل الرفاهية هي أهم سبب في ذلك؛ لأنها زادت عن حدها المفروض فكيف يكون الحل؟
    الجواب: نعم، الرفاهية التي سمَّاها الله تبارك وتعالى الترف فنحن قد أُترفنا؛ وأما الصحابة رضي الله عنهم فقد كانوا يخشون أن تكون حسناتهم قد عُجِّلت لهم في هذه الحياة الدنيا، كما فعل ذلك الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لما وضعت أمامه المائدة وفيها الطعام، فتذكر مصعب بن عمير وترك الطعام، قالوا: مالك؟
    قال: تذكرت مصعب بن عمير يوم أحد، وكان بجوار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مصعب بن عمير فقاتل حتى قُتِلَ؛ فلما جئنا نكفنه، لم يكن معه إلا بردة، إذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه؛ وإن غطينا رجلاه بدا رأسه! وما منا اليوم أحد إلا وهو أمير على بلد من البلدان، فقال: أخشى أن تكون هذه حسناتنا قد عجلت لنا!
    فإذا كان هذا الجيل المجاهد العظيم الذي وعده الله في هذه الدنيا بأنه يملكها، لما ملكها خاف أن تكون عقوبة وأن تكون طيباته عُجِّلت له بهذه الدنيا! فنحن أولى بالخوف ونحن أولى أن نحذر من هذا الترف وأن نعوذ بالله منه؛ فإن المترفين هم أكثر الناس قسوة في القلب، وأبعدهم عن الضراعة إلى الله؛ لأن الحاجة تلجئ إلى دعاء الله وإلى عبادته والتضرع إليه، لكن الذي يشعر بالغنى لا يدعو الله، ولا يشعر أنه مفتقر إليه، فيكون من الران على قلبه أنه يشعر بالغنى عن الله، فالرفاهية والترف لاشك أنها من أعظم أسباب الفراغ الروحي والبعد عن الله، لكن قلوبنا لها ِأسباب أخرى في قسوتها وغفلتها، ولو عبدنا الله تعالى حق العبادة لكنا حقاً من المؤمنين، وإن كان بيدنا من الدنيا ما بيدنا؛ لأن المؤمن الذي يملك المال ويتعبد الله به لا يكون مترفاً أبداً، مهما كانت بيده من الأموال، وإنما يأخذ بقدر إنفاقه على نفسه.
  4. السلف والتصوف

     المرفق    
    السؤال: ما هي الصوفية التي اتصف بها السلف الصالح رحمهم الله، وما هي الصوفية المنحرفة في هذا الموضوع؟
    الجواب: الصوفية لم يتصف بها أحد من السلف -ولله الحمد- وهذا دين قديم ظهر في بلاد الهند، ثم انتقل منها إلى أوروبا.
    ولم يكن الرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا أحد من الصحابة، ولا من التابعين يقول: أنا صوفي! أو أنا متصوف على التصوف الصحيح أبداً.
    فهذا دين؛ كما أن اليهودية دين، كما أن البوذية دين، وكما أن المجوسية دين، فهذا دين آخر كانت الأمم تتعبد به وليس من دين الله في شيء.
    وأما الصوفية المنحرفة ولو لم تكن منحرفة، فيكفي أن تقول: إنها صوفية، ولأن أي شيء غير الإسلام فهو منحرف، إذا كان غير الدين الذين أنزله الله -فهي دين آخر- كما هو الواقع وهي بطبيعتها منحرفة، فليس هناك نوع منها كان محقاً ونوع آخر مبطلاً؛ بل كلها بطلان، ولكن يأتي اللبس بسبب أن بعض أهل الحق يأخذون بعضاً منها، ولا يأخذون شركياتها، ولا يأخذون وحدة الوجود، ولا يأخذون الحلول والاتحاد، ولا يأخذون العقائد المبتدعة الكفرية فيها، وإنما يأخذون بدع مخففه وهم من أهل الحق، فيأتي الإشكال، لكن الإشكال الذي يأتيك في هذا الرجل أو هذا العالم أو هذا الداعية الذي أخذ شيئاً من المتصوفة لا يعني أنك تحكم على المنهج نفسه؛ لأن فيه حق وباطل، وهذا الرجل أخذ بعض الباطل، وعنده كثير من الحق خلطه ببعض الباطل، فيأتي اللبس ممن أخذ، لا من الفكرة نفسها.
    فالعقيدة نفسها -عقيدة التصوف- موجودة من قديم، وموجودة الآن، وهي موجودة في هذا الاسم نفسه ديناً من الأديان التي يسمونها الأديان الحديثة في الولايات المتحدة الأمريكية، لما بعثوا الأديان القديمة وجدوا هذا الدين وبعثوه بهذا الاسم، ويوجد عدد من الشباب الأمريكي يدخل فيه ويتعبدون بأنواع العبادات بهذا الاسم الصوفية أو الثيوصوفية التي تعني عشق الله!! كما يقولون: ثيوقراطية أي: الحكم الإلهي فالثيوصوفية هي العشق الإلهي أو المحبة الإلهية المطلقة.
    فهذا دين جديد موجود في أمريكا بهذا الاسم، وموجود في أوروبا ضمن النصرانية وغيرها، وموجود في كل بلد، فمن الخطأ؛ أن نقول: إن في دين الله تصوف.
    نعم! وُجِدَ في المسلمين من يتصوف، إما أن يأخذ منه كفره، أو يأخذ منه البدعة، وما جاء به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تجد فيه لا يهودية ولا مجوسية ولا بوذية ولا صوفية ولا أي مسمى من مسميات الأديان الباطلة الذي نسخها هذا الدين.
    فقد أكرمنا الله بالحنيفية السمحة... أكرمنا الله بملة إبراهيم؛ ولذلك أنكر الله تعالى على اليهود والنصارى، فقال سبحانه وتعالى: ((أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ))[البقرة:140] فلم يرض الله عز وجل أن يقال لهؤلاء الأنبياء أنهم يهود أو نصارى، فهل يرضى لأمة الإسلام أن تقول: إننا صوفية أو بوذية؟! لا يمكن هذا أبدا.
  5. معرفة الله أساس الخشية

     المرفق    
    السؤال: قال الله تعالى: ((إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)) [فاطر:28] ما معنى هذه الآية؟
    الجواب: ذكر ابن كثير رحمه الله في هذه الآية من التفسير ما لا نريد الإطالة فيه، والخلاصة أن الإنسان كلما كان أعلم بالله عز وجل فهو أعبد لله وأكثر خشية له ممن لا يعرف الله؛ فمعرفة الله تمنع من معصية الله، معرفة الله عز وجل تدعو إلى خشية الله، والعلم بالله يدعو إلى خشيته كما قال تعالى: ((إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)) [فاطر:28] أي: الذين يعرفون من صفاته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ونعوت جلاله... ما يحجزهم عن أن يعصوه أو يخالفوا أمره أو ينتهكوا حرماته، فمن هنا تظهر أهمية معرفة الله تبارك وتعالى؛ فكلما كان العبد أكثر معرفة بالله كان أكثر طاعة وخشية لله.
    وورود هذه الآية ضمن الآيات الكونية التي تحدَّث الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عنها في أول السورة التي تحدَّث فيها عن الرياح والأمطار، ثم تحدث عن خلق الإنسان، ثم تحدَّث عن الشمس والقمر، ثم تحدَّث عن الجبال وألوانها والدواب والشجر وألوانه؛ ثم قال: ((إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)) [فاطر:28] لا يعني بالضرورة أن العلماء الذين يخشون الله هم علماء الكون فقط، فالعلماء بالله عز وجل يعرفون من مخلوقات الله ما يستدلون به على معرفة الله عز وجل، ومن عرف الكون وعرف أسرار الطبيعة ولكن لم يعبد الله عز وجل؛ فلا تنفعه هذه المعرفة وإن اعترف بالله بلسانه، فلا يغني عن العبودية لله!
    أقول هذا تنبيهاً بأن هناك كتاباً اسمه الإسلام يتحدى ذكر هذه الآية وذكر جيمس بيكر، وأمثاله من علماء الفلك أنهم يعرفون الله، وكل من عرف الله فقط بتوحيد الربوبية، وأنه خالق الكون، فلا يعد في ديننا عارفاً ولا عالماً بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حتى يفرده وحده بالعبودية.
  6. متى يكون الحب والكره عبادة

     المرفق    
    السؤال: ما مدى الحب والكره الذي تتحقق به العبودية؟
    الجواب: الحب والكره في قلب كل مخلوق، وللحب والكره أنواع، فالنوع الذي تحدد به العبودية يختلف عن الحب الطبيعي أو الحب الفطري، كأن يحب الرجلُ أمه أو أباه أو إخوانه أو أن يحب الطعام أو الشراب فليس هذا هو الحب التعبدي، فالحب التعبدي هو: ما فُعل تعبداً وتقرباً، أو مبنياًَ على العبادة وعلى التعبد والتقرب، أو ما يقتضي الولاء والبراء، كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة -إلى أن قال-: إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط} فمن كانت موالاته وبغضه ومحبته للدنيا فهو عبد لها، ومن كانت موالاته ومعاداته لله، فهو عبد لله.
    فهذا هو الحب التعبدي الذي لا يجوز أن يصرف إلا لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهو ما يقتضي الموالاة والمعاداة.
  7. تعارض عبودية الله وعبودية الهوى وفائدة الرفقة الصالحة

     المرفق    
    السؤال: هل يمكن للقلب البشري الجمع بين عبادتين: عبودية الحق وعبودية الهوى، أو أن ينقسم الدهر بينهما، كمثل أولئك الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان، وماذا عن الرفقة الصالحة، أليست معينة لتحقيق العبودية الحقة الموصلة إلى جنات النعيم؟
    الجواب: القلب البشري لا يمكن أن يجمع بين عبادتين؛ لأنه كالإناء، فهذا الإناء إذا امتلأ بشيء لا نستطيع أن نضع فيه شيئاً آخر، وإنما تتعارض -للملك لمة وللشيطان لمة- أي: يغفل القلب فيأتي الشيطان فيدخل فيه، فهنا يكون الهوى، فيذكر العبد الله -عز وجل- فيخرج الشيطان ويولي، وهنا تكون العبودية لله عز وجل، والقلب ما دام ينبض، لا يخلو أبداً من لمة الملك أو لمة الشيطان؛ فأنت بإرادتك وباختيارك إما أن تجعل لمة الملك هي الغالبة عليك وعلى قلبك بذكر الله الذي يطرد الغفلة عن القلب، وإما أن تجعل الشيطان يعشش ويفرخ في القلب بالغفلة عن ذكر الله، وبالغفلة عما أمر الله؛ فهذا الذي يقع في القلب (التعارض بين العبوديتين) لكن! لا يخلو من عبودية لأحدهما، فالذي يقول: أنا لا أعبد شيئاً أبداً لا تصدقه، لابد أنه إما أن يكون عابداً لله أو عابداً للشيطان والهوى.
    وأما الرفقة فلا شك أنها أحد ما يعين الإنسان؛ إما على الخير بأن يعينه الصالح على الخير، أو رفقة الشر تعينه على الشر وتزينه له.
    فليحذر المؤمن ولينظر من يخالل؛ فإن المرء يحشر يوم القيامة ويبعث مع خليله، وأما الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان فهؤلاء بئس القوم كما قال السلف.
  8. متى يكون الخوف عبادة

     المرفق    
    السؤال: هل الخوف من غير الله عبادة؟
    وما هي أقسام الخوف؟
    الجواب: الخوف من غير الله قد يكون خوفاً طبيعياً، وقد يكون خوفاً عبادياً، فالخوف الذي هو عبادة هو خوف التعبد كما يخاف أتباع الأولياء وأتباع الطواغيت العباد من دون الله، أي: يخافونهم ويرهبونهم، وإذا ذكر الطواغيت في مجلس من مجالسهم؛ سكتوا كلهم، حتى يظن بعضهم أنه يسمع ذلك، ويظن أن الجن الذين هم موكلون به -الآن- يلتقطون الخبر ويبلغونه للطاغوت؛ فهذا من الخوف الذي يكون لغير الله.
    مثال من أمثلة الخوف الذي هو لغير الله والذي يكون شركاً، ذكره الله عز وجل ليبينه لنا، فقال سبحانه: ((وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً)) [الجن:6] أي: خوفوهم أكثر حتى يدعوهم أكثر، وإلا فإنهم بشر مثلنا، لكن! حتى نعبدهم أكثر خوفُونا أكثر... فهذا هو الخوف الذي يجعلك تترك الطاعة، عندما تريد أن تنهى عن المنكر أو تأمر بالمعروف، فتخاف المخلوقين، تخاف -كما يقول بعض الناس- أن يقطعوا عنك الرزق أو يمنعوه، فتدخل في الشرك وأنت لا تشعر بأن الله هو الرزاق ذي القوة المتين؛ أو تخاف إذا أمرت أهلك بطاعة الله؛ أن تهرب إلى بيت أهلها؛ فتتركها على المعصية مثلاً، أو تخاف من أي مخلوق فلا تقول له كلمة الحق بالحكمة أو بالحسنى... هنا يكون الخوف المكروه أو المحرم أو الذي قد يرتقي إلى درجة الشرك.
  9. حكم من يقول: (ساعة لقلبي وساعة لربي)

     المرفق    
    السؤال: كثيراً ما نسمع من بعض الناس، أن العبادة يمكن أن يقطعها الإنسان بشيء من الترفيه والتسلية غير المشروعة، ويرددون: (ساعة لله وساعة لك) أو ما شابه ذلك؛ فما رأيكم بأمثال هؤلاء؟
    الجواب: الذي يقول: إن الإنسان يمكنه أن يقطع العبادة بشيء من الترفيه أو التسلية غير المشروعة، كيف يدعي بعد ذلك أنه في عبادة؟!
    لأن الذي لم يشرعه الله لا يمكن أن يكون طاعة، ولا يمكن أن يكون عبادة.
    وأما قضية (ساعة لله وساعة لك)؛ فإنهم يقولونها بغير علم، ولو تأملوا وأدركوا معناها أو بُعدها؛ لوجدوا أنها تعني الشرك؛ لكن لا نعني أن من يقولها مشرك، بل نقول: إن مآل مثل هذه العبارات إلى الشرك، لأنني في وقت أعبد الله، وفي وقت قد أعبد الهوى، في وقتٍ أطيع الله، وفي الوقت الآخر قد أطيع الهوى والشهوة... فمآل هذا القول إذا وضع قاعدة في الحياة أنه يعني أنني أُشرك بالله، فأجعل له وقتاً فقط، وأقول له: الوقت الآخر لا تتدخل فيه؛ لأن هذا الوقت (لربك) انتهى، والآن أنا في وقت (لنفسك).
    ومن هنا نعرف خطورة مثل هذه الشعارات، وهذا القول هو مشتق من المقولة التي يقول النصارى أن عيسى عليه السلام قالها: دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله، فهؤلاء أيضاً جعلوها بمعنى آخر أي: (هذا لنفسك وهذا لربك) وإذا قلت لواحد منهم: (اتق الله) قال: يا أخي! الموعظة بالمسجد.
    ما معنى هذا؟
    وكأنه يقول لك: أنا عبد لله في المسجد؛ فإذا رأيتني في المسجد فعظني، لكني في الشارع لا أعبده؛ فكيف تطالبني بذلك وكأنك خرجت من بلد، تطبق عليك قوانينه.
    فمثلاً: لو أنك خرجت من أمريكا ثم جاء أحدهم يقول لك: إن النظام الأمريكي ينص على كذا وكذا؛ فستقول له: أنا الآن خارج حدود أمريكا، ولا تهمني قوانين أمريكا في شيء، فهؤلاء يقولون: الموعظة في المسجد فقط، فكأني أصبحت خارج الحدود التي يمكن أن تطبق عليَّ فيها شريعة الله، وهذا هو بعينه مكر الشيطان الذي أخرج به النصارى من دين الله فقالوا: هذا لله وهذا لقيصر.
    أمة العرب قبل البعثة -أيضاً- وقعت في هذا، قال تعالى: ((وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعَامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا))[الأنعام:138]، وقال: ((فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ)) [الأنعام:136] أي: أولاً: تبدأ القسمة، فهذا لله، وهذا للنفس؛ ثم بعد ذلك الساعة التي نجعلها لله في المسجد، تكون لغير الله! فيدخل الشيطان بالوساوس، وكان الواحد في الصلاة يبيع في الدكان ويشتري ويشوف ويكتب ويقرأ و...!! وأما ما كان لغير الله، فإذا كان أحدهم في البيت أو في الدكان فإنه لا يسمع القرآن ولا يذكر الله؛ لأنه يقول لك: أنا الآن تركت ما لله.
    فإذا كنا نعيش هذا واقعاً تحت مظلة الغفلة عن الله، فنجعله شعاراً ومنهجاً، فإننا نكون قد خططنا للشرك ووقعنا فيه، شعرنا أو لم نشعر بذلك!!!
  10. واجبنا أمام وجود النظريات الإلحادية في المناهج

     المرفق    
    السؤال: ذكرت أن المعلم يكون له دور في العبودية من خلال رسالته العظيمة.
    فمثلاً: مدرس العلوم يجد -أحياناً- أموراً لا توافق الكتاب والسنة، مثل نظرية التطور لدارون اليهودي فهو بدوره سيخبر الطلبة بهذا العيب، لكن بعض المدرسين لا ينبهون على ذلك، فما رأيكم في هذه المناهج؟
    الجواب: في الحقيقة مثل هذه النظريات لا تختص بمدرس فقط، لأن المدرس عندما يكون وظيفته كذا أو عمله كذا، نعني به ما هو في حدود عمله هو؛ أما مثل ذلك فهو واجب على الذي وضع المنهج وعلى الوزارة المسئولة عن المنهج، وعلى العلماء المسئولين، وعلى كل من قرأه!!
    فعندما يكون الأمر أمر نظريات إلحادية شركية، فهنا يجب على كل من بلغته أن يتقدم، وأن يطلب من المسئول أو من بيده الأمر أن يزال وأن يغير هذا المنهج، وأضعف الإيمان أن تقول أمام الطلاب: إن هذه النظرية خاطئة، لكن ذلك لا يكفي، بل لا بد من الكتابة إلى وزارة التعليم أو إلى الوزارة أو إلى العلماء الذين يكون تأثيرهم أقوى من تأثيرنا، فهم يستطيعون أن يغيروا المنهج.
    وأي عمل يسعى فيه بالجد والاجتهاد فلا بد بإذن الله أن يتحقق التغيير، أو تقوم الحجة؛ لأن الله عز وجل جعل عمل الأنبياء إقامة الحجة على العالمين.
  11. كيف نعبد الله طوال اليوم

     المرفق    
    السؤال: عندما تقول لشخص: إنه لم يخلق إلا للعبادة، فإنه يقول: أتريد أن أصلي كل اليوم، فما هو الرد على مثل هؤلاء؟
    الجواب: نقول له: اتق الله كل اليوم، {اتق الله حيثما كنت}، كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن كانت الصلاة بمعنى الركعات المفتتحة بالتكبير والمختتمة بالتسليم، فلا نقول لك: صلِّ إلا الصلوات الخمس، وما يسر الله لك بعدها من النوافل، وإن كانت الصلاة بمعنى العبادة، فنعم يجب أن تعبد الله طول اليوم! حتى ولو كنت نائماً؛ كما قال معاذ رضي الله عنه {إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي} هؤلاء الرجال الذي ثاروا قليلاً وربحوا كثيراً، ينام ويحتسب النوم، ويقوم والنوم في ميزانه! ويأتي بعض العبَّاد الذين اجتهدوا طول الليل في العبادة يأتون وهذه العبادة مردودة عليهم، بل تضرب بها وجوههم لماذا؟
    هنا نعرف قيمة الصحابة رضي الله عنهم ونعرف لماذا نحن متأخرون ومنحطون في كل مجال، وهم متفوقون في كل مجال؟
    فقد عرفوا كيف يسيرون، وعرفوا العبادة بمعناها الواسع العظيم، فالواحد منهم كان يتعبد بما يسر الله له ثم ينام، وكلها محسوبة، أما نحن فيقول شبابنا مثل هذه الكلمة! ثم نقول: لماذا نحن متأخرون؟!
    بل حقنا والله أن نتأخر!! وسوف نزداد تأخراً إلا أن يمن الله علينا بالتوبة.
  12. الانحراف وأسبابه

     المرفق    
    السؤال: هل للانحراف عن الطريق المستقيم سببان: (الشهوات والأهواء فقط) أم أن هناك أسباباً أخرى؛ كالتقليد وتعود الإنسان على أشياء معينة غير جائزة؟
    الجواب: إن أدخلت التقليد والعادات ضمن الأهواء فتكفي، ولا حرج في عد أسباب أخرى؛ لأن الله عز وجل يقول في الوصايا التي قال عنها عبد الله بن مسعود: [[من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي عليها خاتمه فليقرأ هذه الآيات من آخر سورة الأنعام]] ((وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) [الأنعام:153].
    فطريق الله واحد؛ أما السبل فكثيرة! أودية يهلك فيها البشر؛ فمنهم من يهلك في أودية الشبهات، ومنهم من يهلك في وادي الشهوات، ومنهم من يهلك في وادي التقليد، ومنهم من يهلك في وادي البدعة، ومنهم من يهلك في وادي كذا، والشيطان لا تتوقف مكائده، فكل يوم يأتي بمكيدة، ويأتي ببدعة ويأتي بضلالة، ويأتي بسبيل جديد؛ ليضل الناس عن سبيل الله عز وجل.
  13. اختصار كتب السلف، وهل ابن القيم صوفي

     المرفق    
    السؤال: ظهر كتاب تهذيب مدارج السالكين ( لـابن القيم) لـعبد المنعم صالح العلي؛ فما رأيك في:
    أ- اختصار كتب السلف الذي انتشر مؤخراً.
    ب- ذكر المهذب في أحد عناوينه بأن ابن القيم صوفي؟
    الجواب: لا نستطيع أن نحكم حكماً عاماً مطلقاً على المختصرات، وإنما هي أنواع، والسلف أيضاً اختصروا الكتب؛ فمن كان على عقيدة صحيحة، وغرضه سليم، واختصر جزءاً من كتاب أو كتاباً كاملاً لإفادة الناس أو لإفادة طبقة معينة يشق عليهم الرجوع إلى الكتاب الكبير؛ فهذا لا حرج فيه -إن شاء الله تعالى- على ألاَّ يمنع ذلك القارئ فيستغني عن الأصل؛ لأن الأصل مهم.
    وأما أن يكون المختصر صاحب بدعة وهوى، يشوه كتاباً من كتب السلف، أو طالب شهرة، فبعض الناس مغمور لا يعرفه أحد، لكن يعرف أن ابن تيمية وابن كثير وابن القيم مشهورون، فيربط الاسم المغمور بالاسم المشهور حتى يشتهر، ويختصر -والاختصار سهل غالباً- خاصة على تصور أي كتاب، فينزع ورقة، وينزع الأساليب، ويحذف كذا سطر ويترك الباقي، ثم يعطيه المطبعة؛ فيصدر كتاباً ويصبح شيخاً، فيذهب للمكاتب، ويقول: اشتروا مني خمسين ألف نسخة ووزعوها؛ لأني أصبحت مؤلفاً وعندي علم فهذا ونيته التي أراد.
    أما قول المهذب بأن ابن القيم صوفي، فأظن الأجابة مرت عليه فيما سبق، بل ابن القيم -رحمه الله- في هذا الكتاب نبه على كثير من أخطاء الصوفية، لكن لا ننسى قضية معينة وهي أن بعض الناس يقولون: (إن في كتب شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية وابن القيم ميل إلى التصوف أو أحياناً تساهل معهم أو شيء من هذا القبيل) وإن الذي يقرأ كتب شَيْخ الإِسْلامِ وتلميذه شَيْخ الإِسْلامِ ابن القيم قراءة واضحة وجادة ومتعمقة، يجد أنهما عندما يتكلمان عن الفكرة أو عن المبدأ بعيداً عن الأشخاص... كأن يتكلم عن وحدة الوجود فلا يتردد أنها كفر، أو يتكلم عن الفناء، يقول كفر، وعندما يتكلم عن كفريات الصوفية يطلق عليها الكفر ولا يتردد، فيقول عن ابن عربي -مثلاً- أو التلمساني أو السهروردي بأنهم كفار، لكنه عندما يتكلم عن الجيلاني أو مؤلف (منازل السائرين) الذي شرحه ابن القيم في (مدارج السالكين) تجد أن الكلام يختلف؛ لأنك لم تعش في واقع أو في عصر وهناك شخص يُعبد مثل عبد القادر الجيلاني.
    والآن فأكثر المسلمين في الهند وفي أفريقيا يعبدون عبد القادر الجيلاني، وتسمعهم ينشدون ويرددون:
    عبد القادر يا جيلاني             يا متصرف في الأكوان!
    كانوا يرددونها في الحلقات! وإذا كانوا في الطائرة، وحصلت مطبقات جوية يقولون: (يا جيلاني يا جيلاني) تصيح بها الطائرة كلها وهم حجاج!! فهناك عبودية غريبة له.
    فأنت في هذا الواقع لو جئت وقلت لهم: هذا فلان كذا فأنت مخطئ؛ لأن عبد القادر الجيلاني لم يكن يدعو إلى عبادة نفسه.
    ثانياً: أنك تثيرهم فلا يستفيدون من دعوتك، بل تأتي بكتب الجيلاني التي يقول فيها -مثلاً- لا يكون البعد لله ولي إلا إذا كان على عقيدة أحمد بن جنبل.
    تقول: يا جيلانية، هذا الجيلاني يقول هذا الكلام، ما رأيكم؟
    ثم تقول لهم: التصوف الذي أنتم عليه تصوف لا يقتضي منكم الشرك، ولا يقتضي منكم دعاء هذا الرجل؛ لأن الرجل يريد أن تكونوا على طريق الله فتعبدوا الله وحده.
    كمثل الشيخ أبو بكر الجزائري فإنه من أعداء التصوف؛ لكن له كتيب إلى التصوف يا عباد الله... فالرجل لا يريد به أن يدعو إلى التصوف، لكن يضع لهم هذا الاسم لعلهم ينقادون إليه.
    على كل حال! نحن لا نقول: هذه وجهة صحيحة أو خاطئة، لكن نقول: أنت عندما تتعامل مع واقع صوفية، لا تصدمهم وتواجهم مواجهة؛ فمن باب الحكمة والدعوة أنك تأخذ معهم المنهج السليم فشَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية وابن القيم وُجدا في وقت كانت الصوفية طاغية حتى على علماء الحديث الذين يذكرون كلام الله ورسوله، وعلماء التفسير، فكان لا بد لهم إذا جاءوا في مواضع العامة أن يأتوا بكلام ظاهره يقبل حتى لا يثيروها، هذا أحد الأسباب عملياً ودعوياً، فأنت تدعوهم، ومن باب دعوتهم إلى العقيدة الصحيحة، لا تبدأ بأن تصدمهم بعقائد معينة تظهر منهم؛ لكن عندما تتحدث عن البدعة المجردة أو عن الدين نفسه أو عن الشرك مجرداً؛ تقول ما تشاء، ولذلك تجد في فتاوى شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية، أمثلة لهذا وهذا؛ لأنه ذهب إلى مصر مطروداً، فإذا وصل إلى هناك، لا يستطيع أن يقول لهم: هذا ضلال وهذا كفر -بهذه المواجهة- وإنما يأتي من باب أوسع وأرحب قليلاً، فلا يعني هذا أنه من التناقض.
    فعندما يعالج الإنسان واقعاً معيناً قد يأخذ بنوع من الحكمة ومن التدرج، لا يفطن إليها من يعيش بعيداً عن هذا الواقع.
  14. الخشوع في الصلاة

     المرفق    
    السؤال: مما نجد في حضارة العبودية في هذا العصر، هو أن العبادة هي تلك الحركات الخالية من أي خشوع، فما هو العلاج لذلك؟ الجواب: يجب أن نعبد الله كما شرع، فالصلاة يجب أن نقيم هيئتها كما صلاَّها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنه مما يجعلك تخشع، أن تقيم العمل كما أمر الله، فنعلم أنها بالقلب، والخشوع هو روحها، والطمأنينة هي لبها، والعلاج لذلك هو دوام الخشوع ودوام الذكر واستحضار معاني الآيات والصلاة كأنك مودع... كل منا يعاني من هذه المشكلة، لكن بقدر ما تجاهد نفسك على أن تكون صلاتك على أكمل وجه؛ فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يستجيب لك.
  15. كتاب الإيمان حقيقيته وأركانه

     المرفق    
    السؤال: كتاب (الإيمان حقيقته وأركانه) لـمحمد نعيم ياسين سمعنا أن فيه بعض الأخطاء العقدية خاصة في قضية خلق القرآن، فهل هذا صحيح؟
    الجواب: الذي أعرفه أن هذا الكتاب ليس لصاحبه فيه جهد مستقل، فهو اختصر وجمع من عدة كتب، ولا أذكر الآن أن في مسألة خلق القرآن خطأ، ولا أذكر صواباً لأني بعيد عهد به، فلا أستطيع أن أجيبك، لا بنعم، ولا بلا؛ لكن إذا كان الكتاب يتحدث عن القرآن بأن لله تعالى كلامين: كلام نفسي قائم بذاته، وكلام لفظي؛ فهذه هي البدعة التي يخشى هو وأمثاله أن يقعوا فيها، وهي من كلام الأشاعرة إذا كانت هكذا.
    أما إذا ذكر أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ولم يتجاوز ذلك، أو ذكر أقوال السلف فيه -وهذا الذي أظنه وأرجحه- فليس هناك خطأ، لأن الحكم على أشياء وهي غائبة يوجد اللبس، لكن عندما يكون النص الذي تشك فيه أمامك فمن الممكن أن يعرف هل فيه خطأ أم لا.
  16. ترجمة علوم اليونان (فائدتها- وخطرها)

     المرفق    
    السؤال: هل يفهم من حديثكم عن الترجمة في عهد المأمون أن الحضارة الإسلامية لم تستند إلى علوم الإغريق واليونان في الطب ولا الهندسة ولا الرياضيات وغيرها من العلوم؟
    الجواب: فرق بين أن نتلقى عن غيرنا وبين أن نستفيد من علمه، بل يجب أن نستفيد من علوم غيرنا والحكمة ضالة المؤمن، فقد استفاد المسلمون في الطب والهندسة وغيرها من العلوم.
    من اليونان ومن غيرهم، وعدَّلوا وأضافوا وشرحوا وزادوا، وإنما كان الكلام مقتصراً في قضية التعبد، فإذا أخذنا عن غير الله ما نعبد به الله عز وجل وما نعرف به الله، فهنا يأتي الضلال.
    نضرب لكم مثالاً على ذلك: فمثلاً اليونان تكلموا عن الله كلاماً مجرداً فهم يقولون: إن الله وجود مطلق لا يوصف بأي صفة، وإذا كان لا بد أن يوصف، يوصف بالنفي فقط، ليس بكذا ولا بكذا..، فلما جاءوا إلى قضية بديهية عندنا جميعاً وهي قضية أين الله عز وجل؟
    هم يقولون: لا داخل العالم ولا خارجه!! وهكذا كان اليونان يعتقدون؛ لأنه هو ليس شيئاً عندهم، فهو مجرد وجود مطلق لا يوصف بشيء! فقالوا: لا داخل العالم ولا خارجه! وهذه عقيدتهم.
    فجاء المسلمون ولم يهتموا بنقل الطب أو العلوم، بل نقلوا هذه العقيدة؛ وكما يذكر شَيْخ الإِسْلامِ ابن القيم أن الأدلة على علو الله عز وجل على خلقه تقارب الثلاثة آلاف دليل، فهي بالآلاف ومن أوضحها دليل الفطرة، فكل مخلوق يشعر أن الله عز وجل فوق، حتى رائد الفضاء الملحد الشيوعي لما صعد على المركبة إلى الفضاء، ثم نزل إلى الأرض، قال: (لما صعدت رأيت الله) أي: آمنت بوجود الله، فاضطره استالين أن يغير عبارته إلى (لما صعدت لم أجد الله)، أي: على مذهبه الكافر.
    أي: لو أنه موجود فسيكون فوق، وهذه هي الفطرة البشرية؛ لكن أخذ المسلمون عقيد أن الله لا داخل العالم ولا خارجه، وكتاب المواقف في العقيدة -وهو الذي يُدرَّس الآن في معظم الجامعات في العالم الإسلامي خارج المملكة- يقول: ''إن الله لا داخل العالم ولا خارجه''.
    إذاً: فالشاب الأوروبي الذي هرب من دين النصارى لأنه يقول: (الله ثلاثة: الأب، والابن، وروح القدس) - أي: ثلاثة تساوي واحد- فقال: هذه عقيدة لا يقبلها العقل، وأنا أرفض هذه العقيدة وألحد بها أو آمن بنظرية دارون أو غيرها ثم رفضها؛ لأنها لا يقبلها العقل، أفنأتي نحن أمة القرآن ونقول له: تعال! أنت لا تريد تلك العقيدة، فعندنا العقيدة الصحيحة... ما هي؟!
    نقول له: الله لا داخل العالم ولا خارجه! فهل يؤمن؟!
    لا يمكن أبداً!
    هنا نعرف جناية هذه العلوم وهذه البدع وجناية العقائد المحرفة... على دين الله عز وجل.
  17. حقيقة حب الرسول صلى الله عليه وسلم

     المرفق    
    السؤال: بعض الناس يقولون: إننا لم نحب الرسول لذاته بل نحبه ونتبع ما جاء به، نرجو توضيح ذلك؟ الجواب: الغلو قد يذهب بالإنسان في ما لم يشرعه الله عز وجل، فلماذا نفرق (لذاته أو لما جاء به)؟ فبمقتضى أنه (رسول) الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فنحن نحبه ونجله ونعظمه، والصحابة رضي الله عنهم كانوا يحبون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكانوا يتسابقون على ما بقي من وضوئه، وكانوا إذا دخل بيت أحدهم -كما في الأحاديث الكثيرة- كانوا يطلبون منه أن يصلي في البيت، يتبركون به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما شرب من قربة أحدهم؛ قطعوا الفم لماذا؟ تبركاً؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمسه، ومن كانت له شعرة من شعر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يحتفظ بها. فنحن لا نغلو ولا نريد أن نلغي هذه أبداً، إنما إنكارنا على أهل البدع أنهم يتحدثون عن معجزات ما قبل المولد ثم عن المولد ثم انقطع الحديث!! فيتركون الهداية والنور والدين والدعوة، ويتعلقون بتقديس خيالي وهمي يجعل السيرة وكأنها خيالات وأوهام فقط! فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندهم لم يأت ليخرج الثقلين من العبودية لغير الله، أو ليحرر العالم، ولا يذكرون إلا أنه سقطت الشرفات والبحيرة جفت، وكذا وكذا والشجرة صار لها كذا والحجر كلمه والجذع نطق، هذه بعضها صحيح، لكنه جزء فقط مما جاء به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن تعظيم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندهم، وأنهم يشركون بالله، ويدعون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويستغيثون ويكتبون كتب الاستغاثة بالرسول، ويسمون أبناءهم: عبد الرسول، فإذا أنكرت عليهم، قالوا: أنت لا تحب رسول الله. والخلاصة: أننا نحب الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لذاته ولما جاء به، ولا نفرق ولا نتنطع. والحمد لله رب العالمين.